الإحصاء في السعودية- دعامة أساسية للتنمية ورؤية 2030

المؤلف: منى العتيبي08.25.2025
الإحصاء في السعودية- دعامة أساسية للتنمية ورؤية 2030

منذ بضعة أيام، أقامت الهيئة العامة للإحصاء احتفالًا بهيجًا بمناسبة مرور خمسة وستين عامًا على تأسيس العمل الإحصائي الراسخ في ربوع المملكة. ويُعتبر العمل الإحصائي في المملكة العربية السعودية دعامة جوهرية لعملية صنع القرار ورسم الخطط التنموية الطموحة، وقد شهد تطورات متلاحقة ومدهشة منذ بدايته المتواضعة في عام 1349هـ (1930م)، حيث انطلقت المملكة نحو رصد البيانات والمعلومات القيمة لدعم مسيرة التنمية الوطنية الشاملة، لتضع بذلك اللبنة الأولى لبناء قطاع إحصائي متكامل ومنظم.

إن العمل الإحصائي بمثابة البوصلة التي ترشدنا إلى الاتجاهات الصحيحة للتنمية المستدامة، وتمنحنا البيانات الدقيقة اللازمة لفهم الواقع المعاش واستشراف آفاق المستقبل. وفي المملكة العربية السعودية، يحظى هذا العمل بأهمية بالغة، تتجسد في الجهود الدؤوبة لتطويره وتعزيز التعاون بين مختلف الجهات لجمع وتحليل ونشر البيانات الإحصائية القيّمة التي لا غنى عنها في عملية التطوير؛ فهي الأداة الفعالة التي يعتمد عليها صانع القرار في رصد التحديات المحتملة والفرص الواعدة، ووضع السياسات والخطط التنموية الطموحة على أسس علمية راسخة. فبدون مؤشرات إحصائية جلية، تتحول الخطط إلى مجرد تخمينات لا تستند إلى حقائق، وقد تؤدي إلى تبديد الموارد أو تقويض الأثر التنموي المنشود. ولهذا، فإن وجود قطاع إحصائي وطني قوي ومتكامل، مثل الهيئة العامة للإحصاء، يُعد ضرورة استراتيجية لدعم التنمية المستدامة في شتى القطاعات.

كما يضطلع العمل الإحصائي بدور حيوي في تعزيز الشفافية والمساءلة، حيث تتيح البيانات الموثوقة للمجتمع الاطلاع عن كثب على مؤشرات الأداء المتميزة في مجالات التعليم، والصحة، والاقتصاد، وسوق العمل الديناميكي، وغيرها من المجالات الحيوية. ومن خلال الإحصاءات المفصلة، يمكن قياس مدى تحقق الأهداف الوطنية الطموحة، وتقييم فاعلية المبادرات الحكومية الرائدة، وتحديد جوانب القصور أو التقدم المحرز.

وفي عصر البيانات الضخمة والتحول الرقمي المتسارع، أصبحت الإحصاءات محركًا أساسيًا للابتكار المتواصل، وركيزة أساسية في تطوير الخدمات المتميزة، وتحفيز الاستثمار المنتج، وتحقيق الكفاءة التشغيلية المثلى في القطاعين العام والخاص على حد سواء. فالقطاع الخاص على سبيل المثال يعتمد بشكل كبير على الإحصاءات الدقيقة لتحديد الفرص السوقية الواعدة، وتوقع حجم الطلب المتزايد، ووضع استراتيجيات النمو المستدام.

وختامًا، فإن أهمية العمل الإحصائي لا تقتصر على مجرد تجميع الأرقام، بل تتعداها إلى تحويلها إلى معرفة عملية قابلة للتنفيذ، تدعم التنمية الشاملة بأبعادها المتنوعة. ومع استمرار المملكة بخطى واثقة في مسيرتها الطموحة نحو تحقيق رؤية 2030، يظل تطوير القطاع الإحصائي وتعزيز دوره المحوري في صدارة أولويات الدولة لضمان تنمية راسخة تقوم على الحقائق والبيانات الموثوقة، لا على التقديرات والتوقعات الشخصية والاجتهادات الفردية.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة